أبو بكر الرازي : رائد الطب والعلوم في العصر الإسلامي الذهبي |
هو أبو بكر محمد بن يحيى بن زكريا الرازي ولد عام 865 ميلاديًا في مدينة الري الفارسية (ري حاليًا، إيران) . هو شخصية متعددة الثقافات يشار إليه غالبًا باسم الرازي في الأدب الغربي، ترك بصمة لا تمحى في مجالات الطب والكيمياء والفلسفة خلال العصر الذهبي الإسلامي، وقد أرست مساهماته الأساس للتقدم في مجال الرعاية الصحية والبحث العلمي الذي سيتردد صداه لقرون قادمة.
تتسم حياة الرازي المبكرة بالغموض مع روايات متضاربه عن أصله وخلفيته حيث تشير بعض المصادر إلى أنه كان من أصل فارسي، بينما يقترح البعض الآخر أنه من أصل عربي. وبغض النظر عن أصله، فقد ظهرت براعة الرازي الفكرية في سن مبكرة. تلقى تعليمه المبكر في الري قبل أن ينطلق في رحلة المعرفة التي أخذته إلى بغداد، المركز الفكري للعالم الإسلامي آنذاك.
نشأ الرازي في مجتمع يتسم بسعيه للمعرفة، ومن المرجح أنه استفاد من البيئة الفكرية الغنية خلال العصر الذهبي الإسلامي. كان فضوله الغير منتهي وشغفه بالتعلم هما اللذان أوجدا لديه شغفًا بالطب والكيمياء. مع تقدمه في العمر، شرع الرازي في رحلة استكشاف علمية، حيث قدم مساهمات كبيرة في مجالات متعددة مثل الطب والكيمياء والصيدلة وحتى الفلسفة .
إنجازات الرازي في مجال الطب
لقد وضع الرازي حجر الأساس لتطور الطب في العالم الإسلامي في القرون الوسطى وأثر فيما بعد على التقاليد الطبية الأوروبية حيث ألف الرازي موسوعة طبية شاملة سماها (كتاب الحاوي) والتي كانت بمثابة مرجع للعلوم الطبية في العالم الإسلامي لعدة قرون حيث اشتملت على مجموعة واسعة من المواضيع الطبية مثل علم التشريح وعلم وظائف الاعضاء (علم الفسيولوجي) وعلم الأمراض والعلاجات المختلفة .
أكد الرازي على أهمية الملاحظة والتشخيص السريري في الطب. ودعا الأطباء إلى الفحص الدقيق للمرضى وتسجيل الأعراض والتاريخ المرضي لفهم الأمراض بشكل أفضل، وكان الرازي من أنصار الطب التجريبي (Empirical medicine) وهو الطب المعتمد على الملاحظة والخبرة حيث شجع الأطباء على اتباع هذا النهج بدلًا من اتباع النصوص الطبية القديمة بشكل أعمى .
يرجع الفضل في اكتشاف تقطير الكحول إلى الرازي حيث كان يستخدم تقطير الكحول لإنتاج الكحول النقي والذي استخدمه الرازي كمذيب لاستخلاص بعض الزيوت من النباتات لاستخدامها طبيًا .
كان للرازي إسهامات كثيرة في علم الأدوية حيث قام بتحضير بعض الأدوية والمركبات المختلفة مثل حمض الكبريتيك وقام بتحضير أدوية جديدة لعلاج الأمراض المختلفة
كان للرازي ملاحظات مهمة حول الأمراض المعدية حيث قام في كتابه (الجدري والحصبة) بوصف المرضين وتوضيح أعراض وأسباب كلًا منهما والتدابير الوقائية لكل منهما .
كان للرازي بصمة لا تنسى في طب العيون حيث قام بتشريح العين وكان رائدًا في تحضير بعض الأدوية المناسبة لعلاج بعض أمراض العيون، وكان أول من قال أن حدقة العين تضيق في الضوء وتتسع في الظلام.
ولم تقتصر إنجازات الرازي في علاج الأمراض الجسدية فقط بل كانت له بصمة في الطب النفسي حيث ربط بين الصحة النفسية والصحة الجسدية بالإضافة إلى كتاباته عن علاج الاضطرابات النفسية.
إنجازات الرازي في مجال الكيمياء
بالإضافة إلى إنجازات الرازي في الطب، قدم الرازي مساهمات رائدة في مجال الكيمياء حيث ناقش في كتابه (كتاب الأسرار) خواص المواد المختلفة، بما في ذلك الأحماض والقلويات. ويُنسب إليه اكتشاف حمض الكبريتيك، الذي أنتجه عن طريق عملية تقطير مركبات الكبريت ، وهو ما يعد علامة فارقة في تطور العمليات الكيميائية.
خاتمة
لقد ترك أبو بكر الرازي، أحد نجوم العصر الذهبي الإسلامي، إرثًا لا يمحو حيث ترك الرازي مجموعة غنية من الكتب، وذكر أنه لم تكن هناك ساعة من وقته إلا وخصصها للعلم والدراسة والبحث، ويختلف المؤرخون والباحثون حول عدد الكتب التي تركها وراءه ويذكر ابن أبي عصيبة أنه ترك 238 كتابا، بينما يذكر ابن النديم 140 كتابا، ويذكر البيروني 184 كتابا، ويذكر آخرون أرقامًا مختلفة .
وفاته
توفى أبو بكر الرازي في مسقط رأسه في مدينة الري الفارسية بعد تجاوزه الثمانين من عمره وترك لنا إرثا لا يمكن نسيانه في الطب والصيدلة والكيمياء والفلسفة .
شاركنا برأيك أو سؤالك